خاتمة
وبعد ... فهذه رحلة مترامية الأطراف عشتها مع عالم من العلماء المشهود لهم بالتبحر فى مختلف العلوم و المعارف ،وقد كنت حريصا كل الحرص على الدراسة و المتابعة و التحليل والمقارنة و الترجيح ،والقبول والرفض ،والإعجاب و النقد ،وقد بذلت جهدا ليس باليسير فى التبويب و الترتيب والتنسيق و التأليف ،وضم الشبيه إلى الشبيه ،و النظير إلى النظير ،ومن غير ميل أو هوى أو تعصب إلى مذهب أو عالم ،ولم تكن المخالفة من أجل المخالفة ولا النقد من أجل النقد ولا الترجيح من أجل الترجيح ،بل كانت المحاولة دائما مشفوعة بما يساندها يقويها
ومن أهم النتائج التى توصلت إليها فى الدراسة هـــــــى :
1- أن الطبرسى يعد علما من أعلام المفسرين الذين اهتموا بالبلاغة القرآنية ،حيث ظهرت تحليلاته وتطبيقاته للعديد من القواعد عند تفسيره للآيات ، وأستطيع أن أضعه فى مصاف علماء البلاغة أمثال الرازى ،وأبى السعود ،والألوسى ،,غيرهم وإن كان يفضلهم بسبقه لهم
2- أن كتابه (مجمع البيان ) يعد من التفاسير السابقة و المتقدمة فى إبراز الجانب البلاغى الدال على إعجاز القرآن وهو لا يقل أهمية عن التفاسير التى ألفت مثل ( مفاتيح الغيب ) للرازى و ( إرشاد العقل السليم ) لأبى السعود و( غرائب القرآن ) للنيسابورى ،و(روح المعانى ) للألوسى وغيرها
3- وإن كان الطبرسى قد استخدم الأسرار البلاغية لنصرة مذهبه ،فإن هذا كان قليلا جدا مما جعل معظم المترجمين له يحكمون بعدم تعصبه لمذهبه ووقوفه بجانب الحق وتجنبه الميل والهوى
4- أن معظم مباحث علم المعانى والتى اصطلح عليها علماء البلاغة فيما بعد بأسمائها قد اشتمل عليها كتاب (مجمع البيان )كما أنها خلت من الخلافات و المناقشات والردود و التعقيبات التى أغرق فيها اللاحقون مما جعل الأسرار البلاغية محتفظة بجمالها وقوتها و رونقها
5- توسع الطبرسى كثيرا فى اهتمامه بالقراءات القرآنية وما يترتب عليها من أسرار ،و الوقوف وما يترتب عليها ،ودلالة الآيات التى تعد الأسرار البلاغية خادمة لها ،والنظر فى معنى الآية بعمق وتحليل و مقارنة إن احتاج الأمر .
6- أن مبحث القراءات ،و مبحث الوقف ،ودلالة الآيات لها صلة أكيدة بعلم البلاغة عامة وعلم المعانى خاصة وأن هذه المباحث فى أمس الحاجة إلى الدراسات المتعمقة التى تتسم بالتتبع والاستقصاء ،و المقارنة للوقوف على الأسرار البلاغية التى تعد كنتائج هامة
7- أن مبحث التكرار رغم ما ألف فيه من كتب قديما وحديثا فهو مازال فى حاجة لدراسة جامعة شاملة تتبع كل تكرار فى موضعه والوقوف على سره وإظهار الفروق التى تكون بين الجمل المتكررة فى مواقعها المختلفة من حيث السياق والتقديم التأخير ،و الحذف والذكر ،و الزيادة والنقص وغير ذلك
8- أن تأثر الطبرسى بالسابقين كان كثيرا وواضحا أما تأثيره فيمن جاء بعده كان قليلا كما ثبت فى الفصل السادس الخاص بالتأثير و التأثر
9- أن الطبرسى فى مباحث علم المعانى قد ترك بعض الأسرار البلاغية التى أدركها اللاحقون أو اجتهدت فى ذكرها كما مر كثيرا فى هذا البحث
هذا .....ولعلى بتلك المحاولة التى حاولتها عن إيمان و يقين أن أكون قد وفقت فى إبراز مباحث علم المعانى فى تفسير مجمع البيان ،وأن أكون قد أنصفت مؤلفه وأعطيته حقه غير منقوص ،وهذا ما أرجوه من الله وإلا فهى محاولة تنير الطريق ،وتفسح الميادين للباحثين أرجو ثوابها وأطمع فى أجرها ،وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب ،وصلى الله على سيدنا محمد ،وعلى آله وصحبه وسلم .